شوكولا الأدب.. وقلَّة أدب الشوكولا

لم يحصل في الماضي، أن طالبتُ زوجي بطبق الـ(OSSO BUCCO )، إلاّ وأسرع بي إلى مطعم إيطالي، لعلمه أنني حتماً حبلى بصبيّ.
وفي السنوات الأخيرة، ما أضفت إلى قائمة المشتريات اليومية للبيت كلمة "شوكولا" حتى استنتج أنني أنتظر رواية، بعدما أصبحت الشوكولا أحد أعراض "وَحَمِي الأدبيّ". هكذا، اعتاد مع إحضاره الخضار واللحم والحليب وصابون الجلي ورغيف الخبز الافرنجي، أن يحمل لي لوحاً من الشوكولا، يضعه كلّ صباح على مكتبي كي يزوّدني بمحروقات الكتابة ووقودها، مضيفاً وردة "غاردينيا" يقطفها من حديقة البيت، ضاحكاً حتماً في سرّه، لكوني الزوجة التي لا يُكلِّف إسعادها شيئاً يُذكَر.
الواقع، أنّ مزاجي لاتتحكّم فيه إلاّ الشوكولا، وسعادتي مرهونة بطعمها الأسود المرّ. وبرغم كوني سافرت كثيراً إلى سويسرا، وأهداني الأصدقاء أفخم أنواعها، لم أتنكّر يوماً لشوكولا طفولتي. وكانت بسيطة سوداء، في لوح من أصابع عدّة، لم نكن نعرف غيرها، ولا نحلم بسواها مكافأة عند عودتنا من المدرسة.
ولأنّ شهيتي للكتابة تزداد في شهر رمضان، حدث أن أفطرت وتسحّرت على الشوكولا وعلى حبّات تمر وشيء من الحليب، ومازلت أذكر زمن كتابتي "عابر سرير". فقد كنت أضع زادي من الشوكولا على مكتبي، ولا أُغادر غرفتي إلاّ ساعة الإفطار لأسأل زوجي سؤالين: "هل عثروا على أسامة بن لادن؟". فيُجيب "لا".. و"هل تزوّج الحاج متولِّي بزوجة جديدة؟"، فيردّ "نعم". وبعدما أكون قد اطمأننت إلى مصير الأُمّة العربيّة.. أعود لأوراقي لأطمئن على مصير أبطالي.
منذ فترة عادت الشوكولا تتحكّم في مزاجي الروائي، واحتجت إلى مزيد من "بَلْوَتي السوداء"، بسبب انهماكي هذه المرّة في كتابة روايتين في الوقت نفسه، كلّ هذا وسط زحمة أسفاري وهروب شغّالتي، وورشة البيت الذي أعدت "نفضه" عن بكرة أبيه. لن أقول لكم أكثر، فأنا أحب أن أضع مولودي سرّاً على طريقة القطط، وكالقطة أقضي مدّة ما قبل الوضع "حايصة" أبحث عن مكان دافئ وصغير يليق بحميميّة الولادة. حتى إنني كثيراً ما حلمت بوضع مولودي الأدبيّ في غرفة شغّالتي، بينما لم تحلم القطط سوى بوضع صغارها في مكتبي، حتى إنّ قطة كانت في بيتنا، راحت تُجرِّب تارة سريري، حيث أكتب، وتارة جوارير الخزانة، كلما تركت أحدها مفتوحاً. وفاجأتها مرّة وهي تنام على فرو كنت أخبئه أعلى الخزانة، ولم أفهم ما بها، حتى فاجأتني بوضع صغارها الخمسة في سريري.
وأعتقد أنَّ البركة حلّت يومها في مكتبي، عندما تحوّل على مدى أسبوع إلى حضانة للهررة، واستحققت عن جدارة لقب "أُم هريرة"، الذي كان يُداعبني به زوجي، أو "بريجيت باردو الحي"، كما كانت تُسمِّيني أخته، قبل أن يمنعني مواء القطة وصغارها من العمل.. أو النوم، فأضطر إلى نقلها وإيّاها إلى مكان آمن في الحديقة، وأعود لكتابة "فوضى الحواس".
ربما عدت، لأحدثكم ذات مرّة عن علاقة المبدعين بالقطط، وكذلك بالشوكولا التي يبدو أنها تركت بصماتها السوداء على بعض النصوص الأدبية. ولأنني بُليت بها فأنا لا أنفك عن ملاحقة أخبارها. وقرأت مؤخراً عن مؤتمر طبي خُصِّص لدراسة فوائدها ومصائبها، وكنت أعرف لها قبل ذلك فائدة أكّدها المؤتمر، مساعدتها على التغلُّب على الشجون العاطفيّة. فكثيراً ما نصحت صديقاتي بتناولها أثناء القطيعة والمآسي العشقيّة، لأنها تمنحنا مزاجاً جميلاً، وتُساعدنا على مقاومة الكآبــة، والإحباط العاطفي. الخبر الجديد هو اختراع لصقة جلدية تساعد على تقليل الرغبة الْمُلحّة في تناول الشوكولا، (ورغبات أُخرى تنتاب مُدمنيها). الدليل: خبر من كولومبو نقلته الصحف عن قرد في حال هياج جنسي، أثار الذعر في بلدة وسط سريلانكا. بعدما أخذ يهاجم إناث القطط والكلاب، ويُطارد الفتيات، ويتحرّش بهنّ، وذلك حسب تفسير مَن رأوه، بسبب الشوكولا التي كان يتغذّى عليها ويسرقها من المتاجر.
ولا حول ولا قوة إلاّبالله.. أدركوني بلصقة مضادة لهذه الشوكولا الملعونة.

هناك تعليق واحد:

  1. ربما عدت، لأحدثكم ذات مرّة عن علاقة المبدعين بالقطط، وكذلك بالشوكولا التي يبدو أنها تركت بصماتها السوداء على بعض النصوص الأدبية. ولأنني بُليت بها فأنا لا أنفك عن ملاحقة أخبارها. وقرأت مؤخراً عن مؤتمر طبي خُصِّص لدراسة فوائدها ومصائبها، وكنت أعرف لها قبل ذلك فائدة أكّدها المؤتمر، مساعدتها على التغلُّب على الشجون العاطفيّة. فكثيراً ما نصحت صديقاتي بتناولها أثناء القطيعة والمآسي العشقيّة، لأنها تمنحنا مزاجاً جميلاً، وتُساعدنا على مقاومة الكآبــة، والإحباط العاطفي. الخبر الجديد هو اختراع لصقة جلدية تساعد على تقليل الرغبة الْمُلحّة في تناول الشوكولا، (ورغبات أُخرى تنتاب مُدمنيها). الدليل: خبر من كولومبو نقلته الصحف عن قرد في حال هياج جنسي، أثار الذعر في بلدة وسط سريلانكا. بعدما أخذ يهاجم إناث القطط والكلاب، ويُطارد الفتيات، ويتحرّش بهنّ، وذلك حسب تفسير مَن رأوه، بسبب الشوكولا التي كان يتغذّى عليها ويسرقها من المتاجر.
    ولا حول ولا قوة إلاّبالله.. أدركوني بلصقة مضادة لهذه الشوكولا الملعونة.

    ردحذف